Overblog
Editer l'article Suivre ce blog Administration + Créer mon blog
aclcom.over-blog.com

Mon rêve de beauté n'en sera que sublime, je parlerai de mes attachements, des idées et concepts qui me poussent chaque fois à l'effort, au mérite. Rien de plus extraordinaire que de communiquer, d'informer et d'en mesurer la portée.

المواطنة من أجل تفعيل التنمية و الوحدة الوطنية

Publié le 18 Septembre 2013 par AclCom

المواطنة من أجل تفعيل التنمية و الوحدة الوطنية

منذ نهاية عام 2010 بدأت عاصفة حقيقية تهب على الضفة الجنوبية للبحر المتوسط والشرق الأوسط. فالعالم العربي اجتاحته حركات وثورات وانتفاضات فاجأت العالم بعفويتها وحدتها وسرعة انتشارها من بلد لآخر. ويرجع ذلك إلى عولمة الإعلام الذي أتاح للشعوب الحصول على الخبر ومتابعة الأحداث لحظة وقوعها. كما يرجع تفسير ذلك إلى أن هذه الشعوب تعاني نفس المشاكل وتعرف نفس الإحباطات وتصبو إلى تحقيق نفس الأهداف في ظل ظروف اقتصادية واجتماعية لا تطاق من غياب للأفق وتفشي رهيب لظاهرة الفساد والرشوة وتهريب رؤوس الأموال في غياب كامل للعقاب والمحاسبة، نتج عنه انعدام الثقة بين الحاكم والمحكوم مما دفع إلى هجرة الأدمغة وبالشباب إلى محاولات يائسة للهروب إلى أوروبا وهو ما فسح المجال للتحالف بين الانتهازية والرداءة.

هذه الوضعية السائدة في الوطن العربي تذكرنا بما عاشته دول شرق أوروبا نهاية الثمانينيات، وربما ستترتب عنها تبعات عالمية.

تطور المحيط الدولي

إن العالم في تطور مستمر, والاستراتيجيات السياسية للإمبراطوريات والدول تتغير دائما حسب قوة ووحدة البعض وضعف وانقسام البعض الآخر. وستتطور دائما حسب نفس المفاهيم التي تحكم مصالح الأقوياء على حساب الضعفاء.

فمنذ استقلال الجزائر وإلى غاية 1990 كان العالم متوازنا نسبيا مع وجود المعسكرين الغربي الذي يحكمه الحلف الأطلسي والمعسكر الشرقي الذي يحكمه الاتحاد السوفياتي. كان ذلك عهد الحرب الباردة التي أتاحت للدول النامية هامشا من المناورة تمكنت من خلاله الحفاظ على مصالحها عبر حركة دول عدم الانحياز وغيرها من التكتلات الإقليمية والاقتصادية.

ومع زوال المعسكر الشرقي وخاصة الاتحاد السوفياتي، تكون نظام عالمي جديد التف حول قطب وحيد هو القطب الغربي الذي خرج منتصرا من الحرب الباردة، ومع هذا النظام الجديد ظهرت مفاهيم جديدة.

1

مفهوم المجتمع الدولي

المتكون، في الواقع، من عدد محدود من الدول الغنية والقوية المتضامنة مع بعضها بفعل مصالحها المشتركة.

مفهوم التدخل الانساني

الذي يتجلى في تسخير إمكانيات عسكرية غير متكافئة مع الهدف المعلن عنه. فحتى 1990، كانت العمليات العسكرية تتطور بوتيرة محدودة مع محاولة الإبقاء على نفس حدة العنف، ولكن ابتداء من ذلك التاريخ، أصبحت العمليات الموجهة ضد الدول الضعيفة تبدأ مباشرة بحرب شاملة مع التدمير الكلي للمنشآت الأساسية، الشيء الذي يفضح الأسباب الكامنة وراء هذا التدخل. وليس من باب الصدفة أن يتم ذلك التدمير بسرعة ويكون واسع المدى عندما يكون البلد المستهدف غنيا بثرواته الطبيعية.

تدخل "المجتمع الدولي" في ليبيا

ليبيا، هذا البلد المحاذي لنا من الحدود الشرقية، زاخر بثروات طبيعية هائلة. ولهذا السبب لم يتوانى "المجتمع الدولي" في التدخل عسكريا بصفة سريعة، مثبتا بأن سياسة الكيل بمكيالين تخدم مصالح الدول الكبرى أو البعض منها. وتبين من كيفية إدارة النزاع أن تقسيم البلد، أو تدمير جزء هام من منشآته هو الهدف المسطر من التدخل، بهدف توفير مشاريع كبيرة لشركات هذه الدول عند نهاية النزاع.

إن عدم تدخل الجزائر لوقف هذا النزاع قبل توسعه وقبل تدخل القوى الكبرى، سيسبب لبلادنا مشاكل أمنية بالنظر لطول الحدود بين البلدين.

إن هذا النزاع فتح الباب "لتدخل المجتمع الدولي" في ليبيا ويمكن أن يفسح المجال للذين يرغبون في أن يكون للجزائر نفس المصير، لأنه منذ تقسيم السودان، أصبحت الجزائر أكبر دولة في إفريقيا وفي الوطن العربي، بمساحة تساوي تقريبا مساحة البحر المتوسط، وتمتلك ثروات طبيعية هائلة تحسدها عليها الكثير من الدول. كما تحتل مركزا استراتيجيا في وسط مجموعة شمال إفريقيا، هذا المركز له وزنه في علاقات القوة وفي الأمن البحري للمناطق القريبة جدا من أوروبا الغربية. كما أن الجزائر كان لها تأثير في التاريخ الحديث للقارة الإفريقية والعالم العربي بصفة خاصة، وهي مستهدفة من طرف التواقين للماضي الذين يترقبون نقاط ضعفها.

2

كما يجب التذكير بأن بعض الدوائر الاستراتيجية لدول الشمال تخطط لتجزئة دول الجنوب، خاصة الغنية والكبيرة منها. (فمند حوالي ثلاثة أو أربعة أشهر، أشار الرئيس الروسي مباشرة إلى هذه الفرضية، مما يدل على أنها نوقشت على مستوى لقاءات مجموعة الثمانية التي تضم الدول الأقوى في العالم). وعلينا أن لا ننسى مخطط فرنسا الاستعمارية التي حاولت سنة 1960 تقسيم الجزائر إلى دولتين.

كما يجب التذكير بأن فكرة التدخل تحت غطاء الدوافع الإنسانية قد برزت في سنوات التسعينيات واستهدفت الجزائر أساسا. ولتأكيد هذه النية، نذكر بمقترح اليمين المتطرف في فرنسا الذي يريد إلغاء الجنسية المزدوجة، بحجة أنها تخلق ولاء مزدوجا وتعيق بالتالي حرية المناورة في الداخل وكل هذا من أجل فتح مجال التدخل العسكري في الجزائر.

فالنفوس إذن مهيأة..

تطور الأحداث على المستوى الوطني

خرج الشعب الجزائري سنة 1962 منتصرا وموحدا من حرب طويلة ومرهقة فقد فيها عددا كبيرا من خيرة أبنائه، وكان مستعدا لتقديم المزيد من التضحيات من أجل التنمية الوطنية التي كان مؤمنا بها والأمل يحذوه في مستقبل زاهر.

ولكن الأحداث التي عصفت بالجزائر كان لها انعكاسها السلبي على الشعب الجزائري إذ أصبح هذا الشعب منقسما لدرجة لا توحي بأنه ينتمي لبلد واحد وينحدر من حضارة واحدة وله تاريخ مشترك، وأصبح الفاعلون السياسيون أقرب إلى الأعداء منهم إلى شركاء يعملون من أجل تحقيق نفس الأهداف بمناهج مختلفة. كما تسببت هذه الأحداث في شرخ اجتماعي متزايد، دفع الشعب ثمنه غاليا.

فما بين 1962 و2011 حصل تغيير عميق داخل الشعب الجزائري، نتيجة ما عاناه في سنوات المحنة، أثرت تأثيرا كبيرا على تجانسه الاجتماعي.

ونتيجة لكل ما حدث، من الضروري ومن الحيوي للجزائر أن تأخذ في الحسبان الأحداث الماضية لتتمكن من بناء المستقبل.

3

إن المأساة التي عاشها الشعب الجزائري في سنوات التسعينيات تشبه إلى حد بعيد من حيث حجم الأضرار ما عاشه الشعب الأمريكي ما بين 1861 و1865 في حرب الانفصال. تلك المعاناة تم اجتيازها في السنوات التي تلت الحرب بوضع مؤسسات وميكانيزمات مكنت من تجنب تكرار نفس المآسي. ومازالت تلك المؤسسات وتلك الميكانيزمات سارية وفعالة إلى يومنا هذا.

على الشعب الجزائري أن يتخذ نفس القرار "يجب أن لا يتكرر ما حدث أبدا" وحان الوقت لإرساء مؤسسات وميكانيزمات من أجل أن لا يتكرر ما حدث ثانية، لأن الأمر حيوي لاستمرار الجزائر ولأن الأحداث متسارعة في المنطقة.

الحل بالنسبة للجزائر

المواطنة و هذا من أجل تفعيل التنمية و الوحدة الوطنية

ومما سبق استعراضه من التطورات على المستوى الوطني والجهوي والعالمي، ومن الظروف الخاصة بالجزائر التي قد تؤدي إلى فقدان وحدتها وسلامة ترابها، يتعين علينا وضع المؤسسات والميكانيزمات الملتفة حول المواطنة على أساس أنها العامل المشترك الذي يحدد عناصر الهوية المشتركة. هذه التدابير من شأنها أن تؤلف بين مجموع الجزائريين مهما كانت انتماءاتهم السياسية أو الحزبية ومهما كانت خصوصياتهم الاقليمية أو الذاتية أو المناطق التي ينحدرون منها.

تؤسس المواطنة على العناصر التي تجمعنا, لتكون الحل الطبيعي لمشاكل التعددية وانقسام المجتمع. وهي تساعد على تقوية التلاحم الاجتماعي والوحدة الوطنية التي هي أهم عوامل قوتنا. كما أنها تقيم رابطا مشتركا بين جميع المواطنين وتساوي بينهم في الحقوق والواجبات.

إن القيم المرتبطة بالمواطنة هي: الأخلاق التي تظهر من خلال احترام كرامة المواطنين و احترام الممتلكات العمومية والعلم الوطني، والتحضر الذي يتمثل في احترام القوانين والأنظمة السارية، والتضامن الذي يتجسد من خلال الاهتمام بالمعوزين.

إن المواطنة هي تجسيد كل ما من شأنه أن يحمي الوحدة الوطنية ومواجهة كل أشكال كره الآخر وتشجيع كل ما يساهم في إرساء مجتمع مدني حقيقي يمكن أن ينتمي إليه كل مواطن.

4

المواطنة في الجزائر يجب أن تجمع الأمة بكاملها حول مشروع مشترك وحيوي لمستقبل البلاد وهو التنمية. فبدون تنمية اقتصادية واجتماعية لا شيء يمكن أن يضمن سيادتنا واستقلاليتنا ولا حتى وجودنا في منتصف القرن 21. هذا المشروع يجب أن يندرج ضمن رؤية مستقبلية طويلة المدى ويحتاج إلى كل سواعد البلاد، ويجب أن يشكل اتفاقا وطنيا حقيقيا.

هذا هو المدخل لبرنامج واسع وصعب التحقيق للوهلة الأولى. هو المدخل لأن الذين لهم المسؤولية في بدئه ليس لهم إلا وضع البلد على طريق المصالحة والتنمية. هو المدخل لأنه يتطلب انخراط الأغلبية الساحقة من الشعب الجزائري.

وهل الجزائر لا تستحق منا المزيد من التضحيات لنترك للأجيال القادمة إرثا قويا وكريما؟

يجب أن نتذكر دائما أن الشعب الجزائري شعب عظيم وشهم وكريم. شعب قادر على تقديم التضحيات عندما يلتزم بأهداف نبيلة. وقد أثبت ذلك في الماضي ومستعد لإثباته عندما يقتضي الأمر.

إن نجاح الجزائر سيكون عامل سلم واستقرار ورفاهية على منطقة شمال إفريقيا كلها وكل العالم العربي. وستكون بلادنا النموذج الجامع المحتذى به الذي يتيح لهذه الشعوب ولحضارتها الدخول إلى عالم الحداثة حتى لا تندثر.

محمد الطاهر يعلى

القائد السابق للقوات البحرية

Email :m.tahar.yala@gmail.com

5

Commenter cet article